حارس المستنقع
أتاح لي غبائي الشديد السيطرة علي الموقف تماما .. ولست أعني بالغباء العته أو البلاهة .. فالحقيقة أنى أبعد ما يكون عنهم ولكني أقصد بالغباء ذلك النوع من التفكير الذي لا يجعلك ترى إلا ما هو محسوس وملموس .. أي تلك النفس التي تخلوا تماما من الشاعرية ومتطلباتها من الخيال الواسع والقدرة على سبر الأغوار إن الإنسان ذو النفس الشاعرة الرقيقة أراه دائما معذبا باستمرار فهو يستطيع بخياله أن يحس آلام الآخرين وإنفعالتهم وبذلك يضيع جهده ووقته في معانات التفاعل مع هذه المشاعر المضطربة وقد منحني الله القدرة على أن أرى البشر أمامي أجساما فقط وحين يتكلمون لا أفهم لكلامهم أي معنى على الإطلاق . لقد استطعت بواقعية شديدة أن أجعلهم جميعا يتحولون إلى مجرد أجسام طيعة .. إن هناك أذكياء كثيرين يبتغون العبقرية والشرف العالي الرفيع ويظنون ذلك ممكنا في هذه البلاد المختلفة .. أن هذا الذكاء الخارق منهم يحظى دائما معي بالهزيمة والهوان .. إنهم يحلقون عاليا في حين أهبط أنا دائما إلى وحل الواقع وأمتطيه .. لقد تحولت الحياة بفضل غبائي إلى مستنقع كبير لا منافس لي فيه على زعامته فمعي ترتع قل أصناف الديدان والحشرات الغبية وأنا معهم أحس بوجودهم الحقيقي ولا أتخيلهم كما يفعل الأذكياء فرشات جميله تهفو مع النسيم والحقول إن الذكاء نقمه أما الغباء فهو نعمه أسئل الله أن يدمها علي
                                                                                                   حسني أبو عيد