هذةالمدونه لعرض المقالات والأعمال الأدبية للأستاذ و هى محاوله شخصية تقديرا ً له و لأعماله ولنحيا معا حياة طيبة "في ظلال القرآن "
الاثنين، 27 ديسمبر 2010
في سبيل الشيطان
نحن شعب قاسي ...... حياتنا تجمع المتناقضات .. ضعف وذل في قلوبنا ....... ونشمخ ونعلوا بأنوفنا ...... نسود ونعلوا ونحن في الحقيقة عبيد لأسيادنا ..... طبيعتنا خدمة غرائز الأقوياء ......... تفانينا في الخدمة يمكننا كثيراً من فرض شروطنا ..
تحررنا من قيود الرحمة فوضحت الأمور أمامنا ..لا مجال للمجاملة في حياتنا فأخلصنا تماماً في خدمة أسيادنا.
لم تفلح معنا تعاليم الأنبياء ولم ترقق قلوبنا .. وكرهنا الرحمة في قلب عيسى وسعينا في صلبه ..
لا يصلحنا نبيٌ يرحم بل زعيماٌ يقتل ... لو لم يتحدانا هتلر لفاز بنا .. ولكنه آثر جنسه الآري علينا وانفرد به ليعلو
واستغنى عن خدماتنا ....... ظن أنه يستطيع الانتصار بدوننا .. لقد وعت أوربا بعده كيف تستفيد من خدماتنا. فعلونا ورفعنا رؤوسنا ...... أما الأرض الجديدة فقد دعتنا لخدمة فجورها ..
وها نحن اليوم نبطش باسمها ...... ونقدم القرابين من أطفال المسلمين تمجيداً لذكراها .
حسني محمد أبو عيد
حارس المستنقع
أتاح لي غبائي الشديد السيطرة علي الموقف تماما .. ولست أعني بالغباء العته أو البلاهة .. فالحقيقة أنى أبعد ما يكون عنهم ولكني أقصد بالغباء ذلك النوع من التفكير الذي لا يجعلك ترى إلا ما هو محسوس وملموس .. أي تلك النفس التي تخلوا تماما من الشاعرية ومتطلباتها من الخيال الواسع والقدرة على سبر الأغوار إن الإنسان ذو النفس الشاعرة الرقيقة أراه دائما معذبا باستمرار فهو يستطيع بخياله أن يحس آلام الآخرين وإنفعالتهم وبذلك يضيع جهده ووقته في معانات التفاعل مع هذه المشاعر المضطربة وقد منحني الله القدرة على أن أرى البشر أمامي أجساما فقط وحين يتكلمون لا أفهم لكلامهم أي معنى على الإطلاق . لقد استطعت بواقعية شديدة أن أجعلهم جميعا يتحولون إلى مجرد أجسام طيعة .. إن هناك أذكياء كثيرين يبتغون العبقرية والشرف العالي الرفيع ويظنون ذلك ممكنا في هذه البلاد المتخلفة .. أن هذا الذكاء الخارق منهم يحظى دائما معي بالهزيمة والهوان .. إنهم يحلقون عاليا في حين أهبط أنا دائما إلى وحل الواقع وأمتطيه .. لقد تحولت الحياة بفضل غبائي إلى مستنقع كبير لا منافس لي فيه على زعامته فمعي ترتع كل أصناف الديدان والحشرات الغبية وأنا معهم أحس بوجودهم الحقيقي ولا أتخيلهم كما يفعل الأذكياء فراشات جميله تهفو مع النسيم والحقول إن الذكاء نقمه أما الغباء فهو نعمه أسئل الله أن يدمها علي
حسنى محمد ابوعيد
الشيطان ذلك المستنير
أجمل مافى حياتى هو النفاق ...به حصلت على كل النعيم الذى أرفل فيه ..حتى أعلى الدرجات العلمية التى حصلت عليها لم تكن تتاح لى إلا بهذا السلاح الرائع ...ولقد فشل كثيرون ممن إعتمدوا على قواهم العلمية وحدها فى الحصول على ما حصلت عليه بسبب فقدانهم لهذا التكيف الساحر الذى يحل كل الطلسمات والآحاجى والألغاز ...ولقد تعلمت هذا الفن الجميل من أبي رحمه الله ...فقد كان أستاذا لايعجز عن تقبيل يد أى كائن حى يرجو منه شيئا ما .. لقد كان لسانه رطبا ناعما مع هؤلاء ..وكان حديثه معهم ينساب سهلا لينا ...فى الوقت الذى يتحول فيه إلى أخرس كامل الخرس مع غيرهم .. ولقد ورثت عنه هذه الموهبه الرائعه ...إنها صفه تورث مع خلايا الدم ولا تستطيع إتقان فنونها بمجرد الاكتساب.
وقد يختلف معى كثيرون فى ذلك ..ولكنى على يقين أن النفاق فى عائلتى سجيه تتوارثها الآجيال ...وإنى أرى كثيرين حولى يتكلفون النفاق ..ولكنه لا يؤدى الى الثمره التى يؤديها النفاق الأصيل..
ولا أستطيع أن أدعى أنى أخجل من النفاق ...بل على العكس من ذلك تماما ...إنى أعتبره موهبه ..ولا يخجل الانسان من مواهبه وعطاياه التى ولد بها ..فكما لايخجل العبقرى من عبقريته , والشجاع من شجاعته, فأنا لاأخجل من مقدرتى الفذه على النفاق ...
وقد يعتقد البعض أنى أكون فى مركز الضعف مع من أنافقه ...والحقيقه عكس ذلك تماما ...فكيف يكون ضعيفا من يستغفل الآخرين , ويجعلهم ألعوبه بين يديه يحركهم كيف يشاء ؟ ..لقد رضوا للآنفسهم هذا الموقف المتدنى ..ولو أنصفت لكان المنافقون(بفتح الفاء) هم أولى بالاحساس بالمهانه منى ..فليس أسوأ ولا أشد مهانه من وضع المغفل.
وقد يقول قائل إن هذا عمل غير أخلاقى ...وفى الحقيقه أنا أعتبر الأخلاق خديعه كبرى وضعها الضعفاء ليستطيعوا الحياه بجانب الأقوياء...وإلا فلترينى قويا واحدا عنده أخلاق .. وإن وجدته فاعلم إنه حاله شاذه لا يقاس عليها ولا تفيد العموم .. وهنا قد ينبرى من يقول إن الاخلاق جزء من الشرائع ، ورغم إيمانى بالله وبأنه خالق هذا الكون الهائل ، وخالقنا فيه ، إلا إننى على يقين أنه حين خلقنا تركنا له وتركه لنا ولا يعنيه من أمرنا وأمره شىء على الاطلاق .. وذو الجلال لا يشغل نفسه بماذا نفعل وماذا نترك .. فهو لا ينشغل الا بذاته العليه ، كما قال المعلم الاول .. لماذا يخلق الله عالما فاسدا ثم يرسل الرسل لإصلاحه؟ لو أراد الله له الصلاح لخلقه كذلك من الوهله الاولى .. ولكنه خلقه هكذا ، وأنا أعيش فيه كما خلقه الله ، فليطل أصحاب اللحى لحاهم ، وليعبدوا اله لا يعبأ بهم ولا يذكرهم ، وليشغلوا أنفسهم – بسبب شقائهم وحرمانهم- بالفردوس الموعود فلن أشغل نفسى إلا بهذه الحياه ، نموت فيها ونحيا وما يهلكنا إلا حوادث الدهر وكر الايام .
والعجيب أنهم يستغلون الدعوة إلى الفردوس الموعود وسيله للسلطه والحكم.
أما أنا فإنى أستغل مواهبى فى النفاق فى الإستمتاع بثمرات سلطه يملكها غيرى .. وحيث أن غايتنا شبه واحده فلا مجال إذا للمهاترة والإدعاء ..
ورغم أن لى زملاء فى هذا الفن الرفيع ، إلا أننا رغم كثرتنا لا نستطيع العمل فرادا ، فنحن جوقه واحدة ونسيج متكامل ، يلتف جيدا حول مصدر النعيم ومبعث النور والامل والالهام ... فهل يحاول عاقل مهما أوتى من قوة أن يفكر فى تدمير هذا الكيان المتراص المتكامل ؟ إنه كيان يدافع عن نفسه بطريقه تلقائيه وبدون أى إستدعاء .. إن له طبيعه حيويه فائقه كالجسد الحى .. يسهر إذا مرض أحد أعضائه .. إلا أننا قد نضطر أحيانا للبتر لضمان سلامه باقى الاعضاء .
فلا تلومونى أيها التعساء ولوموا أنفسكم .. والسلام والسعادة والرضا على جمعنا القوى الشرير .
حسنى محمد ابو عيد
فتح المدينة المقدسة *** لقد ذهبتم قبل أن تتطهروا من الخبث
{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } الفتح18
كنا خمسون رجلا ذهبنا لنحرر المدينة المقدسة فقتلنا جميعا , ولم يبق سوى ثلاثة كيف ننهزم هكذا ونحن جند الله؟ ذهبنا إلى شيخ حكيم ننشد عنده الإجابة ..........
قال :- لقد ذهبتم قبل أن تتطهروا من الخبث .
قلنا :- و كيف نفعل أيها الشيخ الجليل ؟ قال عودوا عندما تتوهج النار............. مضينا نصارع الحياة .... ثم عدنا بعد فتره نضطرب وقد فقدت قلوبنا السكينة.....
قلت: - قلبي يحترق أيها الشيخ الحكيم ... فاز بالرئاسة غيري وأصبح ملء السمع والبصر وجلست وحدي لا يعبأ بي احد أتجرع كأس المهانة والذل....
وقال الثاني:- لقد أطاحت رزم المال بالحقيبة السوداء بصوابي ولا أستطيع أن أكف عن التفكير فيها ... إنها متاحة ومعروضة ونفسي تراودني وتنزع إلى المال نزعا شديدا ولم يقر لي مذ رأيته قرار.
وقال الثالث:-أما أنا فكربي ثقيل أيها الشيخ فقد تعلق قلبي بامرأة لا تسل عن جمال عينيها وصفاء بشرتها وحلاوة قوامها إني أراها تنسكب من حناياها الفتنه فيشتعل قلبي حبا ونارا فهي لا تميل إلى غيري كان الحكيم يستمع بجديه ووقار تعلو وجهه ابتسامه نورانية مشرقه .... لم يكن يبدوا عليه أي سمه من سمات النفور والكراهية وقال ببساطه شديدة :- لا يعيبنا أبدا نرى الحقيقة مهما كانت كالحة
وان البواعث الدنيوية وقت جفائها تتنفس بطريقه غامضة ... في حين تكون فجه وغليظة حين تظهر ويعلو صوتها .. كان جهادكم فيما مضى تنفسا غامضا لشهوه خفيه أعلنت عن نفسها اليوم بصوت جهير غليظ وقبيح ..فلتكن بواعثنا دائما جديرة بالعناية كغاياتنا.
مضت بنا الحياة وكأننا خلقنا من جديد بسمت وأحوال مغايرة وأصبحنا وسط الجميع كالغرباء وقد اخذ ارتباطنا وصفا جديدا ..أصبحنا شخصا واحدا وفررنا الجهاد لتحرير المدينة المقدسة...
ذهبنا لوداع الشيخ فوجدناه في مرض الموت تغشاه المهابة والجلال ... بكيناه عندما فاضت روحه كما لم نبك أبا وأما وأخا وأختا.... وعندما واريناه التراب كأنما وارينا جزءا منا هناك
انطلقنا بجد لنحرر المدينة لم نجد سلاحا سوى الأغصان الجافة ...اقتحمتا المدينة نكبر الله وبيدنا السلاح... كنا نزداد طولا وتزداد المدينة قصرا حتى صارت تحت أقدامنا خاضعة مستسلمة.
أ/ حسني أبو عيد
الأحد، 26 ديسمبر 2010
أحلام ليالى الشتاء
أحسست فجأة بألم بالغ فاعتمدت بطنى بكلتا يدى ، وصرخت من شدة الآلم
قبل أن أهوى إلى الأرض فى طريق شبه خالى من الماره.......أوقف رجل الشرطة سيارته وأقبل نحوى باهتمام شديد...لقد كان شابا رفيع المرتبه...جم الأدب ...إعتمدت على ذراعه وقادنى بسيارته إلى أقرب طبيب ..حيث شكرته من أعماق قلبى فودعنى راجيا لى الشفاء ثم إنصرف....ما أشد حبنا لهؤلاء الناس ...لقد كرسوا حياتهم لحمايتنا وخدمتنا ...إنهم يستمدون قوتهم وسلطانهم منا ...ولو كانوا يستمدونها من غيرنا لاستعلوا بها كما كان يفعل النبلاء فى عصر أوربا الوسيط وأصبحوا مثلهم سمده على مجتمع من العبيد.
لقد حكت لنا كتب التاريخ عجبا عن شرطه تستمد قوتها من سلطه أعلى من شعبها ...حكت لنا عن عيونهم وهى تشع شررا ...وقلوبهم وهى تفيض كبرا ..ومترعة نفوسهم بالحماقه والغرور ...وكنا نقرأ فى كتب التاريخ عن أياديهم الغليظة وهى تصافح وجوه الناس ...وعن أقدامهم وهى تدوس ولا ترحم ...وكان التاريخ يحكى لنا أن هؤلاء الناس بدعوى حماية القانون والنظام كانوا أسرع من يدوس على القانون والنظام ..وكأن القانون لم يشرع إلا للنيل من العبيد ...الحمد لله أننا لا نعيش هذه الأيام وإنما عرفناها فقط من كتب التاريخ القديم أيام حكم الأسر الفرعونيه الظالمه ..حيث كان الفرعون عاليا فتوهم نفسه إلها يعبده شعبه وليس ملكا يخدم مصالح شعبه .
إجتاحتنى هذه الخواطر حين حملنى هذا الشرطى الشاب برفق ورجوله وموده إلى عيادة الطبيب الذى نظر لى هو الأخر بمودة شديدة وترفق بى وهو يخبرنى بعد أن أعطانى مسكنا للألم أنى فى حاجة إلى جراحه....
فصرخت لا من الآلم هذه المره ولكن لأنى لا أملك هذه الآلاف التى يتقاضاها الأطباء للجراحات...ولقد ضحك الطبيب كثيرا عندما عرضت سبب صراخى وقال لى: يبدو أنك تكثر من قراءة التاريخ حتى كأنك تعيش فيه .... يا صديقى إن هذا الزمان قد ولى وقد تعلم الأطباء اليوم ألا يتقاضوا إلا ما يكفيهم ليعيشوا بين البشر مستورين فقد وجدوا أن الرضى قد حقق لهم من السلام مالم يحققه المال لأطباء الزمان القديم....وحين علمت أن الجراحة لن تكلفنى إلا القليل جدا حمدت الله...وساعتها سمعت النداء(حى على الفلاح) فاستأذنت للصلاة فقال الطبيب ونحن جميعا معك ...وجدت الجميع يلبون النداء وإذا بى أسير وسط أمواج من البشر تلبى ...وقفت بينهم فى الصلاة وقد إتسع المسجد للجميع....وجدت روحى تسبح فى عليين فى نشوة روحية غامرة ....حيث صحوت من نومى فزعا على وكزة شديدة فى خاصرتى ...وإذا وشرر الغضب يتطاير من عينيها تصرخ فى وجهى ألا تستطيع يا رجل أن تحتفظ بالغطاء على جسدك ليلة واحدة.
مددت يدى كتلميذ خائب والتقطت الغطاء الساقط على الأرض وإحتويت به زوجتى برفق فأشاحت عنى بعنف وولتنى ظهرها ..
كانت الوكزة فى خاصرتى ما زالت تؤلمنى إلا أننى إبتسمت إبتسامة ماكرة وأنا أضع رأسى مرة ثانية على الوسادة فليل الشتاء طويل وقد يسقط الغطاء مرة ثانية فتعاودنى الأحلام من جديد
حسنى محمد أبوعيد
دماء النبلاء ** إن قبح الذنب لايمنعنا أحيانا عن ارتكابه رغم وعينا الكامل بسوء مآله
دماء النبلاء
تذكرته...... لقد كان زميلى فى الدراسة الثانوية.... ورغم تفوقه فى العلاقات الاجتماعية فقد كان فاشلا فشلا ذريعا فى النواحى العلمية والدراسية ... ولا تسل عن مقدرته الفذة على مصادقة الجميع وبالذات المتفوقين ليحصل منهم على ماتعجز قواه العقلية عن تحصيله بمفرده ...... ولم يكن سواه مندوبا عن الجميع عند المدير و المدرسين و المتحدث باسم الجميع.
رأيته الآن وهو رجل كبير فعرفته ..... يسير فى الزفة الإنتخابية مصافحا الجميع ومقبلا عليهم بنفس الكيفية التى عهدتها فيه فى القديم .... كان مظهره يبدو عليه الوفرة والنعيم .وكانت حملته الانتخابية توحى باليسار الشديد ...... وكالصقر لمحتنى عينه فعرفنى على الفور ... وبتركيز شديد اشار لى محييا وكانه لايوجد في الجمع أحد سواى .... شق طريقه وسط الجميع مصافحا ومحييا وما أن اقترب مني حتى إعتنقنى وظلت يده ممسكة بيدى وهو يصافح الناخبين المنتظرين ويبتسم فى وجوههم .... ولم يمنعه وجهه الذى كان يقبل به على الاخرين من تبادل بعض الحديث معى .... كانت مقدرته على التفرغ لى وسط هذا الحشد هائله وغير عاديه .
- أين أراضيك
- فى الدنيا
- ماذا تعمل بها
- موظف
خسارة كبرى .... رجل بمثل ذكائك ومواهبك ..... لقد كنت الاول علينا فى الدراسة . عموما لاتحاول الإفلات منى هذه الليلة فأنا أود الحديث معك .... كانت أمة من البشر قد تجمعت حوله فانتصب بينهم قائلا ببساطه شديده : - لقد عاهدت نفسى أيها الإخوه على تذليل كل عقبة تعترض أى واحد منا .... لن أقول أننا سنتفرغ لسن القوانين ...... وماذا فعلت بنا القوانين غير مزيد من الألم والاحباط ...... ولكننى أقول أننى خادم لكل فرد فى هذه الدائره لتحقيق أى مصلحه شخصيه متعثره ...... إذا لم يوجد بيننا من يمثلنا فى قضاء المصالح فلن تحل لأى منا مشكله واحده ...... لابد أن نتكاتف أيها الاخوه ليكون لنا سند قوى يحمينا ..... ومن لاسند له يتيم ضائع ...... ولن أكتفى بهذا أيها الاخوه ، بل سوف أسعى أن تكون خدمات الدوله للمواطنين كلها بالمجان ..... التعليم بالمجان . الخدمات الصحيه بالمجان فهما كالماء والهواء ..... حتى الإسكان الذى تبنيه الدوله أيها الاخوه سوف أسعى أن يكون هو الآخر بالمجان ..... أين يسكن الفقراء الذين لايجدون قيمة الايجار؟ لن أسمح بسكنى المقابر بعد اليوم .... لابد أن تتاح لكل مواطن شقة مناسبه وهذه الأسعار التى يكتوى بنارها المواطنون لابد أن تنخفض و سوف أسعى جاهدا لتحقيق ذلك ماذا يفعل الفقراء ؟ هل يموتون جوعا ؟ لن أسمح بذلك أيها الاخوه ... لابد أن يتوفر الطعام للجميع ...... لقد خلق الله الطعام لكل فم فلم تحرم منه هذه الأفواه الجائعه ؟ – تصفيق حاد وهتاف – سيروا على بركة الله أيها الاخوه ..... سوف نصنع لهذه الأمة مستقبلاً زاهرا باذن الله . ستكون أمة تحسدها جميع الأمم وسوف نكون مثلا أعلى فى تحقيق الرفاهيه والازدهار ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
استمعت له تنتابنى رغبة فى مزيج غريب من الضحك والبكاء .. رأيته تلميذا – متفوقا هذه المرة – لهذه المدرسة الرهيبة التى تعمل على تحطيم كل شيئ حولها وتحطيم نفسها فى النهاية وعجبت لهذه المدرسة حين تبنى كيف يكون الخراب أصيلا داخل مظهر العمار الذى تبنيه؟
أمسك بيدى وهو لايزال يلوح للجماهير ويصافحهم :-
• أوليس لك عمل اضافى خارج نطاق الوظيفة ؟
• كلا .
• رجل مثلك يبدد مواهبه هكذا وكيف تعيش فى هذه الآيام الصعبه؟
• الحمد لله.
• على كل حال نحمد الله.....ولتقابلنى غدا فعندى لك مشاريع كبرى ان شاء الله . !!!
ووضع في يدي كارت به العنوان و صافحني قائلا :-
ألقاق في الرابعة مساء إن شاء الله
لم لم أرفض ؟ ولم لم أطرح هذا الكارت جانبا ؟ ولم ذهبت فى الموعد المحدد تماما لمقابلته ؟
لست أدرى!!!
استقبلنى كعادته مرحبا بابتسامته المعهوده .
لن أضيع كثيرا من وقتك ولكنى أعرض عليك إدارة أعمالى فى الآرض التى أمتلكها فى مشروعات الآراضى الجديده وهى عبارة عن أربعة أسهم مساحتها أربعون فدانا وسوف أسعى إن شاء الله فى الحصول لك على سهم بعشرة أفدنة ..... فكر فى الأمر ولا أعتقد أن عملك الرسمى يعوقك فهو كما أعتقد لايشغل من وقتك الكثير.... وسوف أنتظرك فى نفس المعد غدا إن شاء الله لأعطيك فرصة لتدبر أمرك والتفكير...... مد لى يده مودعا ، صافحته وانصرفت!!!
يبدو أننا نسير فى حياتنا كثيرا ضد كل شيء نؤمن به ونعتقده .... إن قبح الذنب لايمنعنا أحيانا عن ارتكابه رغم وعينا الكامل بسوء مآله...... وجدت نفسى أذهب فى الموعد المحدد وقد وافقت ..... ونظرت حولى فاذا الجميع قد وافقوا منذ زمن بعيد .....اننا جميعا موافقون .. جمعتنا جميعا مصلحة عاجلة غبية لانملك إزاءها المقاومه . بل لعلنا إلى التنافس فى تحصيلها أقرب.... لقد شعرت بأنى جزء من نسيج متحلل فاسد ولاأمل يرجى من محاولة اصلاحه . وسوف تدفع الحياة حتما بعناصر جديده تستطيع أن تقول لا... وهي إن سالت دماؤها بغزارة إلا أنها تصنع الحياة وتعطيها سرها وعظمتها........ ان وجه الآرض قد إزور عنى بنفور واشمئزاز ...... وأصبحت أراه ينظر فى ترقب ولهفة وعطش دماء النبلاء.
حسنى محمد أبوعيد
المتهم
المتهم
احتدم وكيل النيابة وهو يوجه لى قرار الإتهام وحين فرغ سألنى القاضى مذنب أم غير مذنب ؟ فنظرت إليه بذهول شديد وقلت : غير مذنب ......... وكلت المحكمة محاميا للدفاع عنى ورفضت طلبى بالدفاع عن نفسى . أتهمتنى النيابة أنى أسير الهوينا على شاطىء البحر وذكرت أن شهودا كثيرين رأونى وأنا أستنشق الهواء وأملأ منه صدرى ورئتى ......... ورأى أخرون أنى كثيرا ما أتأمل النجوم فى السماء وأننى أنظر دائما إلى الأفق البعيد ........ ورآنى آخرون وانا أنظر بشغف إلى الأشجار والأطيار وأنى أقضى الساعات مع الأزهار .......
وأذن القاضى للمحامى بالدفاع ........ أنكر المحامى كل التهم الموجهه ضدى وأقسم بأغلظ الأيمان أننى لا أسير مطلقا على شاطىء البحر وغاية أمرى إذا أشتقت لرؤية الماء أن أسير إلى جدار بركة أو مستنقع ....... وأن حبى لهواء البرك والمستنقعات ملك على شغاف قلبى .......... أما عن كونى أتأمل نجوم السماء فقد حاول المحامى أن يثير عطف المحكمة فقال أنظروا لهذا المسكين كيف يستطيع أن يرى نجوم السماء وهو يمشى منكس الرأس بل أكد لهم أننى لا أستطيع أن أرى النجوم فى السماء لأن نظرى واهن ضعيف .
ثم أردف : كيف يستطيع أن ينظر إلى الأفق البعيد من لا يستطيع أن يرى أبعد من تحت قدمه ؟ أما عن شغفى بالأشجار فلم ينكر المحامى هذا . وإنما تأول هذا الشغف بحبى الأشجار كمصدر للطاقة ولصناعة الموبيليا , وقال : أن موكلى ما نظر مرة إلى شجرة خضراء إلا وتمنى من صميم قلبه أن يراها مقطوعة ممزقة الأوصال ........ اما بالنسبة للطيور فقد احتدم المحامى وهو يشرح للمحكمة أن شغفى بالطيور يرجع إلى حرمانى الشديد من أكل اللحوم وأننى ما نظرت إلى طائر إلى وتمنيت أن يكون مشويا أمامى أو محمرا
وأضاف المحامى : أما ما يقال عن الساعات الطويلة التى يقضها مع الأزهار فذلك سبب لا يرجع بالمرة إلى جمال الأزهار أو لطيب رائحتها بل أن ذلك الأهتمام الشديد يرجع إلى أسباب علاجية فالأزهار كما تعلمون حضراتكم مصدر للأدوية ........ وأكد المحامى أنى لا أطيق منظر زهره قائمة على ساقها ....... وأنى لا أحب فى الورد سوى الأشواك وحكى أن ثورا دخل مرة إحدى الحدائق وأخذ يدهس أزهارها الغضة ويحطم فيها كل تنسيق وجمال وذكر أنى شاهدت هذا الحادث وكنت سعيدا وجذلا بما فعله الثور ..
وأكد المحامى للمحكمة أنى من فرط سعادتى كنت أريد مصادقة هذا الثور لولا أنه نطحنى بقرنة فالثور كما تعلمون حضراتكم تصعب جدا مصادقته والإطمئنان التام إليه .. وأراد المحامى أن يسترسل فى وصف الثيران ويعدد أنواعها وأوصافها إلا أن القاضى زجرة لخروجه عن الموضوع . فإعتذر بأن الحماس أخذه لشدة حيوية الموضوع بالنسبة له وقال : من هنا ياسيادة القاضى تجد أن موكلى إنسان طبيعى جدا .... ينتمى إلى مجتمعه ويحبه تمام الحب .. وهو فرد عادى كأى فرد .. ولا يخطر فى قلبة مجرد خاطر غير مألوف وغير طبيعى .. وطالب لى بالبراءة مع أخذ التعهدات الكافية ألا أشاهد إلى جدار نهر أو جدول . أو ينشرح صدرى للنسيم أن أغض طرفى عن الأشجار والأطيار وألا أرفع رأسى إلى نجم فى السماء , وأكد للقاضى أننى كذلك فعلا وهكذا مضت بى الحياة فيما مضى من السنين .
عقب وكيل النيابة على مرافعة الدفاع بإنفعال شديد وإتهم الدفاع بطمس معالم الحقيقة وأنه لم يقدم دليلا ماديا واحدا يثبت براءة المتهم مما هو منسوب إليه .. وأضاف أن هذا المتهم ينتمى إلى عالم آخر غير العالم الذى نعيش فيه وأن ولاءه لهذا العالم الآخر وليس لعالمنا وحق على المحكمة أن تدينه بتهمة الخيانة العظمى وطالب لى بعقوبة الإعدام شنقا حتى الموت . وفى صمت كامل انتظرت صدور الحكم .
حسنى محمد أبوعيد
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)