الجمعة، 12 سبتمبر 2014

الشيطان ذلك المستنير


الشيطان ذلك المستنير

أجمل ما في حياتي هو النفاق...به حصلت على كل النعيم الذي ارفل فيه..حتى أعلى الدرجات العلمية التي حصلت عليها لم تكن تتاح لي إلا بهذا السلاح الرائع...ولقد فشل كثيرون ممن اعتمدوا على قواهم العلمية وحدها في الحصول على ما حصلت عليه بسبب فقدانهم لهذا التكيف الساحر الذي يحل كل الطلسمات والآحاجى والألغاز...ولقد تعلمت هذا الفن الجميل من أبي رحمه الله...فقد كان أستاذا لا يعجز عن تقبيل يد أي كائن حي يرجو منه شيئا ما...لقد كان لسانه رطبا ناعما مع هؤلاء..وكان حديثه معهم ينساب سهلا لينا...في الوقت الذي يتحول فيه إلى أخرس كامل الخرس مع غيرهم.. ولقد ورثت عنه هذه الموهبة الرائعة...إنها صفه تورث مع خلايا الدم ولا تستطيع إتقان فنونها بمجرد الاكتساب.

وقد يختلف معي كثيرون في ذلك ..ولكني على يقين أن النفاق في عائلتي سجيه تتوارثها الأجيال.... واني أرى كثيرين حولي يتكلفون النفاق..ولكنه لا يؤدى إلى الثمرة التي يؤديها النفاق الأصيل..

ولا أستطيع أن أدعى أنى أخجل من النفاق...بل على العكس من ذلك تماما...إني أعتبره موهبة....ولا يخجل الإنسان من مواهبه وعطاياه التي ولد بها..فكما لا يخجل العبقري من عبقريته , والشجاع من شجاعته, فأنا لا أخجل من مقدرتي الفذة على النفاق ...

وقد يعتقد البعض أنى أكون في مركز الضعف مع من أنافقه.....والحقيقة عكس ذلك تماما...فكيف يكون ضعيفا من يستغفل الآخرين, ويجعلهم ألعوبة بين يديه يحركهم كيف يشاء ؟ ..لقد رضوا لأنفسهم هذا الموقف المتدني..ولو أنصفت لكان المنافـَقون(بفتح الفاء) هم أولى بالإحساس بالمهانة منى ..فليس أسوأ ولا أشد مهانة من وضع المغفل.

وقد يقول قائلا إن هذا عمل غير أخلاقي...وفى الحقيقة أنا أعتبر الأخلاق خديعة كبرى وضعها الضعفاء ليستطيعوا الحياة بجانب الأقوياء...و إلا فلتريني قويا واحدا عنده أخلاق.. وان وجدته فاعلم انه حاله شاذة لا يقاس عليها ولا تفيد العموم .. وهنا قد ينبري من يقول إن الأخلاق جزء من الشرائع، ورغم إيماني بالله وبأنه خالق هذا الكون الهائل، و خالقنا فيه، إلا أنني على يقين انه حين خلقنا تركنا له وتركه لنا ولا يعنيه من امرنا وأمره شيء على الإطلاق.. وذو الجلال لا يشغل نفسه بماذا نفعل و ماذا نترك.. فهو لا ينشغل إلا بذاته العلية، كما قال المعلم الأول.. لماذا يخلق الله عالما فاسدا ثم يرسل الرسل لإصلاحه؟ لو أراد الله له الصلاح لخلقه كذلك من الوهلة الأولى .. ولكنه خلقه هكذا، وأنا أعيش فيه كما خلقه الله، فليطل أصحاب اللحى لحاهم، وليعبدوا إله لا يعبأ بهم ولا يذكرهم، وليشغلوا أنفسهم ــ بسبب شقائهم وحرمانهم ــ بالفردوس الموعود فلن اشغل نفسي إلا بهذه الحياة، نموت فيها ونحيا وما يهلكنا إلا حوادث الدهر وكر الأيام.

والعجيب أنهم يستغلون الدعوة إلى الفردوس الموعود وسيله للسلطة والحكم.
أما أنا فاني استغل مواهبي في النفاق في الاستمتاع بثمرات سلطه يملكها غيري.. وحيث إن غايتنا شبه واحده فلا مجال إذا للمهاترة والادعاء ..

ورغم إن لي زملاء في هذا الفن الرفيع، إلا أننا رغم كثرتنا لا نستطيع العمل فرادا، فنحن جوقة واحدة ونسيج متكامل ، يلتف جيدا حول مصدر النعيم ومبعث النور والأمل والإلهام ... فهل يحاول عاقل مهما أوتى من قوة أن يفكر في تدمير هذا الكيان المتراص المتكامل ؟ انه كيان يدافع عن نفسه بطريقه تلقائية وبدون أي استدعاء .. إن له طبيعة حيوية فائقة كالجسد الحي.. يسهر إذا مرض احد أعضائه.. إلا أننا قد نضطر أحيانا للبتر لضمان سلامه باقي الأعضاء.
فلا تلوموني أيها التعساء ولوموا أنفسكم.. والسلام والسعادة والرضا على جمعنا القوى الشرير.                                   بقلم .. أ/حسني أبوعيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق