الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

بالروح بالدم

بالروح بالدم

عندما فشلت في الحصول على رضا السيد وكيل الوزارة..اجتاحني الهم من جميع أقطاري وملأ الحزن قلبي وأحسست بالمذلة والهوان والضياع..وحين استيقنت أن إحساسي بالمسؤولية إزاء مصالح الناس واهتمامي بهم لا يقدم لي شيئا على الإطلاق قررت أن أوجه اهتمامي لا إلى أسفل كما هو عهدي دائما ولكن إلى أعلى حيث الشرف والحظوة.وأخذت قراري وأقدمت بلا تردد ووضعت خطة محكمة ..كان مفادها أن استأجر عشرة أفراد من البلطجية الذين يجيدون الهتافات ورفع الشعارات واضعهم في طريق السيد الوكيل وهو قادم إلى المصلحة صباحا واقف بينهم نردد الهتاف والمديح لسيادته..ولقد حرصت على تلقينهم هتافات خاصة كنت أرى أنها جيدة المفعول مثل :بالروح بالدم ..وكلنا فداك.. وسر و نحن ورائك.. ثم أنى طلبت منهم أن يكون التصفيق للسيد الوكيل أساسيا وحارا جدا. ولا تسل عن العاصفة التي أحدثناها في وجه الرجل وهو قادم إلى المصلحة..إلا أنة لم يستطع -لسوء الحظ-أن يفهم أن المظاهرة في صالحة، بل تصور ولعل ذلك يرجع إلى شدة الضوضاء التي أحدثها البلطجية أنها مظاهرة أو مؤامرة ضده أو محاولة لاغتياله، فأطلق ساقيه للريح.. ولقد ظل الرجل يجرى ونحن نجرى ورائه في محاولة مستميتة لإقناعه إنما نحاول استرضائه ولكن دون جدوى .ورغم أنى كنت استحثهم على الإسراع وعلى ترديد عبارة بالروح بالدم بالذات لعلها تعيد للسيد الوكيل الطمأنينة والثبات..ورغم شباب البلطجية وكبر سن السيد الوكيل إلا أن سرعته في الفرار فاقت سرعتنا بكثير حتى أنى طلبت منهم أن يكفوا عن ترديد شعار بالروح بالدم فلعل الرجل تصور أننا سنجعلها دم وأننا سوف نضحي بروحه هو .. وعموما فقد فشلت الخطة فشلا زريعا وضاع ما أنفقته على البلطجية، ناهيك عن الشر الذي سوف أتعرض له على يد السيد الوكيل في الصباح.

ولقد كنت حسن الظن جدا حين تصورت أن الشر سينتظر الصباح..ولكن في الحقيقة ما كدت اصل منزلي حتى قادني جمع من رجال الشرطة إلى القسم وهناك وجهت لي تهمة محاولة قتل السيد الوكيل. ولقد ذكر في أقواله أنني وجماعة من البلطجية هددناه بإزهاق روحة وسفك دمه، وحين حاولت في أقوالي أن أوضح لرجل الشرطة أننا كنا نهتف لسيادته ليس إلا.. صرخ في وجهي: أتسخر منى يا ابن...
وحين قادوني في اليوم التالي إلى سراي النيابة بعد ليلة ليلاء قضيتها في الحبس وجدت بعض الرفق عند وكيل النيابة.. ورغم انه لم يصدق كلمة واحدة مما قلته إلا أنة استمع لي وشبه ابتسامة ساخرة على وجه ثم أمر بإداعي في الحبس.
وقد خرجت بعد حبس ثلاثة شهور بريئا لعدم كفاية الأدلة إلا أن التجربة المريرة التي خضتها أقنعتني تمام الاقتناع أنني لست لذلك اللون من المجد وإنما أنا من النوع الذي خلق ليشقى ويكد فقط ولا ينال الحظوة مطلقا.. ولقد رضيت.. فعلا رضيت.. والفضل لأشهر السجن الثلاثة

                                                               بقلم أ/حسنى محمد أبو عيد

                                                                                   رحمه الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق