الثلاثاء، 2 مارس 2010

أحلام ليالى الشتاء



أحلام ليالى الشتاء
أحسست فجأة بألم بالغ فاعتمدت بطني بكلتا يدي، وصرخت من شدة الألم.
قبل أن أهوى إلى الأرض في طريق شبه خالي من المارة.......أوقف رجل الشرطة سيارته وأقبل نحوى باهتمام شديد...لقد كان شابا رفيع المرتبة...جم الأدب...اعتمدت على ذراعه وقادني بسيارته إلى أقرب طبيب..حيث شكرته من أعماق قلبي فودعني راجيا لي الشفاء ثم انصرف... ما أشد حبنا لهؤلاء الناس...لقد كرسوا حياتهم لحمايتنا وخدمتنا...إنهم يستمدون قوتهم وسلطانهم منا...ولو كانوا يستمدونها من غيرنا لاستعلوا بها كما كان يفعل النبلاء في عصر أوربا الوسيط وأصبحوا مثلهم ساده على مجتمع من العبيد.
لقد حكت لنا كتب التاريخ عجبا عن شرطه تستمد قوتها من سلطه أعلى من شعبها...حكت لنا عن عيونهم وهى تشع شررا...وقلوبهم وهى تفيض كبرا..ومترعة نفوسهم بالحماقة والغرور.... وكنا نقرأ في كتب التاريخ عن أياديهم الغليظة وهى تصافح وجوه الناس...وعن أقدامهم وهى تدوس ولا ترحم...وكان التاريخ يحكى لنا أن هؤلاء الناس بدعوى حماية القانون والنظام كانوا أسرع من يدوس على القانون والنظام..وكأن القانون لم يشرع إلا للنيل من العبيد ...الحمد لله أننا لا نعيش هذه الأيام وإنما عرفناها فقط من كتب التاريخ القديم أيام حكم الأسر الفرعونية الظالمة..حيث كان الفرعون عاليا فتوهمه نفسه أنه إله يعبده شعبه وليس ملكا يخدم مصالح شعبه .
اجتاحتني هذه الخواطر حين حملني هذا الشرطي الشاب برفق ورجولة ومودة إلى عيادة الطبيب الذي نظر لي هو الآخر بمودة شديدة وترفق بي وهو يخبرني بعد أن أعطاني مسكنا للألم أنى في حاجة إلى جراحه....
فصرخت لا من الألم هذه المرة ولكن لأني لا أملك هذه الآلاف التي يتقاضاها الأطباء للجراحات...ولقد ضحك الطبيب كثيرا عندما عرضت سبب صراخي وقال لي:يبدو أنك تكثر من قراءة التاريخ حتى كأنك تعيش فيه....يا صديقي إن هذا الزمان قد ولى وقد تعلم الأطباء اليوم ألا يتقاضوا إلا ما يكفيهم ليعيشوا بين البشر مستورين فقد وجدوا أن الرضا قد حقق لهم من السلام ما لم يحققه المال لأطباء الزمان القديم....وحين علمت أن الجراحة لن تكلفني إلا القليل جدا حمدت الله...وساعتها سمعت النداء(حي على الفلاح) فاستأذنت للصلاة فقال الطبيب ونحن جميعا معك...وجدت الجميع يلبون النداء وإذا بي أسير وسط أمواج من البشر تلبى...وقفت بينهم في الصلاة وقد اتسع المسجد للجميع....وجدت روحي تسبح في عليين في نشوة روحية غامرة ....حيث صحوت من نومي فزعا على وكزة شديدة في خاصرتي...وإذا بزوجتي وشرر الغضب يتطاير من عينيها تصرخ في وجهي ألا تستطيع يا رجل أن تحتفظ بالغطاء على جسدك ليلة واحدة.
مددت يدي كتلميذ خائب والتقطت الغطاء الساقط على الأرض واحتويت به زوجتي برفق فأشاحت عنى بعنف وولتني ظهرها..
كانت الوكزة في خاصرتي ما زالت تؤلمني إلا أنني ابتسمت ابتسامة ماكرة وأنا أضع رأسي مرة ثانية على الوسادة فليل الشتاء طويل وقد يسقط الغطاء مرة ثانية فتعاودني الأحلام من جديد
                                                                                     بقلم:حسنى محمد أبوعيد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق