مدام سوزى
لم تكن مدام سوزى زوجة الجراح العظيم دكتور حسام بقادرة على ادخال السعادة على قلبه بحال .... ولعله هو الاخر لم يكن من ذلك النوع القادر على صنع البهجة فى حياة النساء ، لذا كانت حياتهما معا راكدة كمستنقع .. ولم تكن عنايتها الشديدة بملابسها وماكياجها واهتمامها الشديد بمظهرها ، لم يكن كل ذلك بقادر على احداث تغيير فى صميم الحياه ... وقد استقر بها الامر ان ترضى بالاسباب كغاية ، فصرفت كل همها على الابهه والمظاهر ..... الا ان ذلك الشىء الغامض بداخل النفس البشرية لابد له من ان يتنفس والا استحال الى مرض معضل . لذا رغم المظاهر والبهه وكل شىء الا ان مدام سوزى بدات تشكو من ضيق شديد وملل ونوبات قاسيه من الصداع النصفى المؤلم.
ولما كانت مشاكل الدكتور حسام كمدير لمستشفى ضخم تكفيه شر مجالسه امرأه لا عطر لها ، فلم تجد سوى معرفها تستجديهم الصحبه .. الا انها فشلت كما هو عهدها دائما فى عقد صداقات وعلاقات حميمه ، فانحصرت كل علاقاتها مع زوجات الاطباء والعاملين مع زوجها بالمستشفى . ولم يكن سوى هؤلاء لديهم الرغبه فى اى صداقه مع مدام سوزى. ولقد جعلها اهتمامهم بها توحى لنفسها انها شخصيه محبوبه ومرغوبه.... وحينما كانت تلقى فى وجوههم بعظاتها ونصائحها – بطريقتها المترفعه- كانوا يستمعون اليها وكانهم فى حاجة ماسه لكل ما تقول .
وقد احس الدكتور حسام براحه شديدة لانشغال زوجته عنه ، وعندما وجد ان الاعراض المرضيه التى تنتابها بدأت تخف حدتها طلب من زوجه المدير الادارى بالمستشفى وهى امراه بارعه ، ان توحى لها بممارسه العمل الاجتماعى ومعها هذه الجوقه الهائله من نساء العاملين بالمستشفى .
وقد انطلقت مدام سوزى وبرعايه المراة البارعه فى مجالات العمل الاجتماعى .... وكان مجرد ذكر اسم زوجها ونفوذه كفيلا بفتح مغاليق الامور العصيه . وطار صيت مدام سوزى فى الافاق كمصلحه اجتماعيه كبرى ، وتجاذبتها الانديه الخاصه التى تختار اعضاءها بعنايه ، وحين وجدت ان الامور اصبحت متاحه لم تتوانى عن الدخول فى ميدان الخطابه ، حيث كانت المراه البارعه تعد لها اللازم فى كل مناسبه ، وكان من يقدر لهم الله الوقوع فى مصيبه الاستماع لها يشعرون بمزيج من الغيظ الشديد والرثاء... وانهالت عليها الجوائز محليا وعالميا وغمرها التكريم من كل حدب وصوت . اما الدكتور حسام فكان يجلس فى اوقات راحته مادا ساقيه بارتياح شديد واضعا سيجارا فخما فى فمه مرددا بينه وبين نفسه وهو يبتسم ان الله قد حبى المدير الادارى حقا بزوجه بارعه .
حسنى محمد ابو عيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق