أحلام ليالى الشتاء
أحسست فجآة بألم بالغ فاعتمدت بطنى بكلتا يدى ، وصرخت من شدة الآلمقبل أن أهوى الى الأرض فى طريق شبه خالى من الماره.......أوقف رجل الشرطة سيارته وأقبل نحوى باهتمام شديد...لقد كان شابا رفيع المرتبه...جم الأدب ...اعتمدت على ذراعه وقادنى بسيارته الى أقرب طبيب ..حيث شكرته من أعماق قلبى فودعنى راجيا لى الشفاء ثم انصرف....ما أشد حبنا لهؤلاء الناس ...لقد كرسوا حياتهم لحمايتنا وخدمتنا ...انهم يستمدون قوتهم وسلطانهم منا ...ولو كانوا يستمدونها من غيرنا لاستعلوا بها كما كان يفعل النبلاء فى عصر أوربا الوسيط وأصبحوا مثلهم سمده على مجتمع من العبيد.
لقد حكت لنا كتب التاريخ عجبا عن شرطه تستمد قوتها من سلطه أعلى من شعبها ...حكت لنا عن عيونهم وهى تشع شررا ...وقلوبهم وهى تفيض كبرا ..ومترعة نفوسهم بالحماقه والغرور ...وكنا نقرأ فى كتب التاريخ عن أياديهم الغليظة وهى تصافح وجوه الناس ...وعن أقدامهم وهى تدوس ولا ترحم ...وكان التاريخ يحكى لنا أن هؤلاء الناس بدعوى حماية القانون والنظام كانوا أسرع من يدوس على القانون والنظام ..وكأن القانون لم يشرع الا للنيل من العبيد ...الحمد لله اننا لا نعيش هذه الآيام وانما عرفناها فقط من كتب التاريخ القديم ايام حكم الأسر الفرعونيه الظالمه ..حيث كان الفرعون عاليا فتوهم نفسه الها يعبده شعبه وليس ملكا يخدم مصالح شعبه .
اجتاحتنى هذه الخواطر حين حملنى هذا الشرطى الشاب برفق ورجوله وموده الى عيادة الطبيب الذى نظر لى هو الآخر بمودةشديدة وترفق بى وهو يخبرنى بعد أن أعطانى مسكنا للألم أنى فى حاجة الى جراحه....
فصرخت لا من الآلم هذه المره ولكن لأنى لاأملك هذه الآلاف التى يتقاضاها الآطباء للجراحات...ولقد ضحك الطبيب كثيرا عندما عرضت سبب صراخى وقال لى :يبدو أنك تكثر من قراءة التاريخ حتى كأنك تعيش فيه ....يا صديقى ان هذا الزمان قد ولى وقد تعلم الأطباء اليوم ألا يتقاضوا الا ما يكفيهم ليعيشوابين البشر مستورين فقد وجدوا أن الرضى قد حقق لهم من السلام مالم يحققه المال لأطباء الزمان القديم....وحين علمت أن الجراحة لن تكلفنى الا القليلجدا حمدت الله...وساعتها سمعت النداء(حى على الفلاح) فاستأذنت للصلاة فقال الطبيب ونحن جميعا معك ...وجدت الجميع يلبون النداء واذا بى أسير وسط أمواج من البشر تلبى ...وقفت بينهم فى الصلاة وقد اتسع المسجد للجميع....وجدت روحى تسبح فى عليين فى نشوة روحية غامرة ....حيث صحوت من نومى فزعا على وكزة شديدة فى خاصرتى ...واذا وشرر الغضب يتطاير من عينيها تصرخ فى وجهى ألا تستطيع يا رجل أن تحتفظ بالغطاء على جسدك ليلة واحدة.
مددت يدى كتلميذ خائب والتقطت الغطاء الساقط على الأرض واحتويت به زوجتى برفق فأشاحت عنى بعنف وولتنى ظهرها ..
كانت الوكزة فى خاصرتى ما زالت تؤلمنى الا أننى ابتسمت ابتسامة ماكرة وأنا أضع رأسى مرة ثانية على الوسادة فليل الشتاء طويل وقد يسقط الغطاء مرة ثانية فتعاودنى الأحلام من جديد
حسنى محمد أبوعيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق